
أمانى الموجى
ثروات مصر.. وضرورة الاستغلال الأمثل
تمتلك مصر خيرات عديدة.. وحباها الله بالكثير من الثروات والكنوز التى لا تتوافر فى العديد من البلدان الأخرى.. ومصر لديها المقومات الكاملة للتقدم والتطور.. لكن بشرط توافر السياسات لكيفية استغلال هذه الثروات.. ووجود منظومة فاعلة لإدارتها.
مصر لديها نهر النيل الذى يجرى من الجنوب إلى الشمال.. والمصريون القدماء أدركوا أهمية نهر النيل ولذلك أقاموا له الاحتفالات وقالوا فيه الشعر.. وكانت هناك نهضة زراعية على ضفاف النيل.. ونجح المصريون فى تحقيق الاكتفاء الذاتى من المحاصيل المهمة كالقمح والأرز والقطن وغيرها من المحاصيل، بل كانت مصر تصدر هذه الزراعات والمحاصيل للبلدان الأخرى، وكان القطن المصرى يحتل المكانة الأولى فى العالم.. الآن وفى عصرنا الحديث لم ندرك أهمية ذلك ونتيجة لسوء السياسات الزراعية فقدت مصر عرش القطن فى العالم.. كما تحولنا إلى أكبر دولة مستوردة للقمح فى العالم.. وأصبحنا نستورد أكثر من 70٪ من احتياجاتنا الغذائية وفى مقدمتها المحاصيل الشاسعة الصالحة للزراعة.
لقد ساهمت عملية غياب التخطيط العلمى السليم فى تراجع الانتاج الزراعى.. وفقدت مصر مساحات كبيرة من الأراضى الزراعية نتيجة لعمليات البناء عليها.. وفشلت أجهزة الدولة فى ا لتصدى لظاهرة الاعتداء على الأراضى الزراعية.
ولم تقتصر أهمية نهر النيل على قيام الزراعة فقط لكنه يعد مصدراً مهماً للثروة السمكية ويساهم فى الاكتفاء الذاتى لمصر من الأسماك.. لكن ما تعرض له النهر موخراً من عمليات صرف صناعى وملوثات ساهم فى تدميره هذه الثروة السمكية.
وحبا الله مصر أيضاً بموقعها الجغرافى الممتاز.. حيث إن هناك البحر المتوسط شمالاً والبحر الأحمر شرقاً.. بجانب البحيرات العديدة التى توجد فى مصر.. وهو الأمر الذى يؤهلها لتصبح أكبر دول العالم إنتاجاً للثروة السمكية.. لكن كالعادة لم يتم استغلال ذلك وغابت الخطط التى من شأنها أن تضع مصر على قائمة الدول المنتجة للأسماك.
ومن الكنوز والثروات التى تتوافر فى مصر أيضاً.. الثروات البترولية والتعدينية.. فمصر تمتلك البترول والغاز الطبيعى ورغم ذلك نعانى أزمة فى المنتجات البترولية.. ويتم استيراد جزء منها يكلف الموازنة العامة للدولة الكثير والكثير.
وتزخر صحراء مصر أيضاً بالمعادن والفوسفات والمنجنيز.. بجانب الرمال التى تقوم عليها صناعات عديدة.
وهذه نماذج قليلة لما تتمتع به مصر من خيرات، فهناك أيضا السياحة والصناعة والأيدى العاملة وغيرها من الثروات التى حبا الله بها مصر.. ويمكن من خلال استغلالها الأمثل أن تجعل فى مقدمة الدول الكبرى والمتقدمة خاصة أنه يتوافر لدينا أيضاً العلماء والكفاءات التى يمكنها أن تساهم فى تحقيق الأحلام التى نتطلع لها.. لكن العديد من هؤلاء العلماء يضطرون للهجرة للخارج نظراً لما يجدونه من إهمال.. ويحققون النجاح فى الخارج لأن هناك من يدرك قيمتهم.. فى حين تبقى ثروات وكنوز مصر بلا استغلال جيد.
إذا كنا نريد اللحاق بركب التطور والتقدم العالمى فعلينا أن نضع السياسات والخطط التى من شأنها استغلال ثروات مصر بالأسلوب الأمثل وتوافر الإدارة الجيدة.. وبدون ذلك سنبقى كما نحن الآن نعانى المشاكل والأزمات.
مفاوضات صندوق النقد الدولى إلى أين؟
الأسبوع الماضى قامت بعثة من صندوق النقد الدولى بزيارة لمصر لاستكمال المفاوضات مع الحكومة بشأن القرض المرتقب الذى يبلغ 4.8 مليار دولار.
ولم تقتصر مفاوضات بعثة الصندوق مع الحكومة فقط لكنها التقت أيضاً مع عدد من الأحزاب والقوى السياسية.. واستمتعت إلى رؤيتهم بشأن الموقف الاقتصادى والقرض الذى تطلبه مصر.
وثار جدل واسع حول هذه الزيارة، فالبعض قال إن المفاوضات قد فشلت.. فى حين رأى آخرون أن المفاوضات لم تفشل ومستمرة وأن بعثة الصندوق لها بعض الملاحظات فقط على الاصلاحات الاقتصادية التى جرت.
وأيا كان الأمر فإن قرض صندوق النقد الدولى يعد دينا جديداً على مصر يزيد من تفاقم مدة الديون الخارجية.. بجانب الودائع التى حصلت عليها مصر من دول أخرى.. وهو ما يمثل تضخمنا فى حجم الدين الخارجى الذى قد يصل وفقاً لتوقعات الخبراء إلى نحو 40 مليار دولار.
ومصر كانت فى غنى عن هذه القروض والديون الجديدة إذا ما تم حدوث نوع من التوافق الوطنى والاستقرار السياسى.. هذا التوافق من شأنه أن يحقق الأمن وينهى الخلافات القائمة وبالتالى عودة حركة الاستثمارات الأجنبية والسياحة وجلب المزيد من العملات الأجنبية ووقف نزيف الاحتياطى النقدي.
ومن غير المعقول أن نعتمد على سياسة الاقتراض والتوسع فيها فى الوقت الذى الذى بأيدينا أن نستغنى عن ذلك ونعتمد على أنفسنا ونبدأ الانطلاقة الاقتصادية.
إن الأمر يحتاج الى العقل والنظر بعين الاعتبار لمصلحة مصر.. بدلاً من أن نستمر فى هذا الوضع الذى قد يزيد من المخاطر الاقتصادية.
لا بد أن يضع الجميع مصلحة مصر أولاً وأن ننحى المصالح الشخصية جانباً حتى نعبر إلى بر الأمان ونخرج من الأزمة الراهنة وكفى ما خسرناه خلال الفترة السابقة.