
أمانى الموجى
الصكوك الإسلامية بين الرفض والتأييد
كنا نعتقد أنه بعد الانتهاء من الاستفتاء على الدستور الجديد وإقراره رسمياً سوف تستقر الأوضاع ويهدأ الجميع وتبدأ رحلة النهوض والبناء.. لكن حتى الآن مازالت هناك حالة من الارتباك تسيطر على الجميع.. فالخلافات تمزق الوطن والانقسامات السياسية تهدد بمزيد من التدهور.. حتى المظاهرات الفئوية أطلت برأسها من جديد.
لا أحد يدرى إلى أين تسير الأمر.. فالخلافات لم تعد تقتصر على النواحى السياسية فقط لكنها امتدت لتشمل الجوانب الاقتصادية ومشروع قانون الصكوك الإسلامية الذى تمت مناقشته فى مجلس الوزراء ثار جدل واسع حوله، وهناك خلافات حوله، فهناك من يرى أن هذا القانون يمثل ضرورة لإنقاذ الاقتصاد المصرى.
ويستشهدون فى ذلك بالتجارب الناجحة التى تم تطبيقها فى عدد من الدول الإسلامية مثل ماليزيا وإندونيسيا والأردن وبعض دول الخليج وتركيا.. ويرى المؤيدون للصكوك أنها تعتبر أحدث صيغ التمويل والاستثمار فى العالم حالياً لأنها تتسم بالمرونة وسهولة الإصدار والتداول وقلة المخاطر وتستوعب شريحة واسعة من المستثمرين الذين يرفضون المضاربة فى البورصة ويرى هؤلاء أن المستقبل لهذه الصيغة الجديدة من التمويل.
فى حين أن من يرفضون مشروع قانون الصكوك يرون أنه فى حاجة لإعادة نظر..وأن هذا المشروع الذى طرحته وزارة المالية يخالف الشريعة الإسلامية حيث إنه بالصيغة الحالية لا يختلف عن السندات.
كما يرى البعض أن هناك خطورة على سيادة الدولة فى حالة تطبيق هذا القانون.
وحتى الآن لم يتم حسم الجدل المشتعل حول مشروع قانون الصكوك.. ولهذا خرجت وزارة المالية لتؤكد أنها سوف تدعو لاجتماع عاجل خلال هذا الأسبوع بمجمع البحوث الإسلامية بالأزهر الشريف لمناقشة الملاحظات التى أبداها المجمع على مشروع القانون حتى يخرج فى صيغة مكتملة الأركان، وحتى يتوافق عليه الجميع، ويمكن معه تجنب أى شبهة مخالفة لأحكام الشريعة الإسلامية.
وسعت وزارة المالية لطمأنة لجميع التى ثارت حول هذا القانون، خاصة ما يتعلق بسيادة الدولة والمخاوف من تسريب ملكية بعض أصول الدولة للأجانب.. وأكدت الوزارة أن هذه المخاوف من البداية راعتها وزارة المالية، حيث استبعد مشروع القانون العقارات المملوكة للدولة ملكية عامة من استخدامها كأصول تصدر مقابلها الصكوك، وفى ذات الوقت كفل المشروع حماية العقارات المملوكة للدولة ملكية خاصة التى تستخدم فى هذا الغرض وتتمثل هذه الحماية فى عدم جواز بيع أو رهن أو حتى الحجز على هذه العقارات، كما أنه لن يترتب عليها أى حقوق عينية لمالكى الصكوك.
كما أن مواد مشروع القانون تؤكد ذلك فمثلاً نصت المادة «7» الخاصة بالأصول التى تصدر مقابلها الصكوك على أن الأصول الثابتة التى ستصدر مقابلها الصكوك هى الأصول «العقارات والمنقولات» المملوكة للدولة ملكية خاصة، و«يكون إصدار الصكوك مقابل حق الانتفاع بهذه الأصول دون حق الرقابة»، وأيضاً المادة «13» التى تنص على «لا يجوز الحجز أو اتخاذ أى إجراءات تنفيذية على الأصول التى تصدر بشأنها الصكوك، كما لا يجوز بيع أو ترتيب أى حق عينى على هذه الأصول، ويقع باطلاً أى إجراء أو تصرف يتم بالمخالفة لأحكام هذه المادة».
وأكدت وزارة المالية أنها استهدفت عند إعداد مشروع القانون ضمان توافقه الكامل مع أحكام الشريعة، وكذلك ضمان عدم الاقتراب من العقارات والأموال المملوكة للدولة ملكية عامة، أو التفريط فى الأموال المملوكة للدولة ملكية خاصة.
إن قانون الصكوك الإسلامية يمثل أهمية فى الوقت الحالى، والاقتصاد المصرى فى حاجة ملحة له بهدف تنويع أدوات التمويل وتدبير العملة الأجنبية، خاصة مع استمرار تراجع الاحتياطى النقدى، وكذلك تفاقم عجز الموازنة العامة للدولة.. لكن لا بد أن يحدث توافق حول هذا المشروع قبل إقراره وطرح المشروع للحوار المجتمعى حتى يخرج فى صيغة مناسبة توائم الاقتصاد المصرى بما لا يخالف الشريعة الإسلامية وبما لا يمس بسيادة الدولة.
لقد نجح تطبيق قانون الصكوك فى العديد من الدول الإسلامية، وعلينا دراسة هذه التجارب حتى نستفيد منها، وحتى يتحقق الهدف من وراء إصدار قانون الصكوك.