
أشرف كاره
«من موسكو مع خالص الحب»
لم تكن رحلتى الأسبوع الماضى– لأول مرة- للعاصمة الروسية كما توقعت قبل سفرى، حيث كنت أتوقع أن آثار الاشتراكية لا تزال مسيطرة على البلاد بشكل أو بآخر، وأن الحالة العامة للشعب الروسى ستكون متواضعة خاصة مع ما سمعت عن الدولة من رخص نسبى بأسعار تكاليف الحياة.. إلا أن الصدمة قد جاءت من حيث لا أحتسب بدءاً من الضخامة النسبية لمطار (Sheremetyevo) وهو أحد ثلاثة مطارات دولية يمكن السفر منها والهبوط فيها للعاصمة الروسية (موسكو)! والذى يبعد عن قلب العاصمة بما لا يقل عن 40– 50 كم يمكن قطعها خلال نصف ساعة بالقطار السريع، ومن ثم التعامل مع وسائل المواصلات الأخرى للوصول إلى مقصدك وعلى رأسها شبكة مترو الأنفاق التى لا يمكن وصفها إلا بـ(حدث ولا حرج) ليس فقط لضخامتها ولا حتى لنظافتها، بل وأيضا لمدى تمتعها- بشكل عام- بتصاميم كلاسيكية وكأنها تعود لفخامة عصور قياصرة روسيا العظماء.
ليس هذا فحسب، بل يمكنك القول بأنك قد تتخيل أن أكثر من خمسين بالمائة من خط إنتاج مرسيدس لسيارتها الفاخرة جداً (S-Class) قد وجه إلى سوق موسكو للسيارات، بخلاف السيارات الأخرى الفاخرة شأن بنتلى، رينج روفر، ليكزس، إنفينتى، كاديلاك وBMW.. وبالوقت نفسه تجد أن الجميع يعمل فى منظومة متكاملة، فحتى عمال الرصف والتجميل بالطرق يعملون كمجموعات تحت إشراف أحد المشرفين بنفس التوقيت لضمان سرعة ودقة العمل.
أما أرض معارض مركز (كروكس) التى استضافت إحدى قاعاتها معرض busworld Moscow الذى كنت أقوم بزيارته فهى إحدى أكبر مراكز المعارض التى قمت بمصادفتها بحياتى مع مساحات عرض تبلغ 405,000 متر مربع وهو ما يبلغ أكثر من 10 أضعاف مركز القاهرة الدولى للمؤتمرات– الذى أذلنا جميعا خلال السنوات الأخيرة بكونه المكان الحصرى الوحيد بمصر لاستضافة المعارض الدولية كبيرة الحجم نسبياً– وهو ما يبعث حقاً على الإحباط.
وفى الوقت نفسه الذى تحتل فيه العملة الروسية المحلية (الروبل) مكانة متدنية بين سائر العملات الحرة الشهيرة خاصة مع إمكانية تحويل 100 دولار أمريكى إلى ما يقرب من 6000 روبل وهى قادرة على تحقيق الكثير نسبياً– حتى بالمقارنة بالجنيه المصرى– إلا أن مستوى المعيشة (محترم) بشكل عام.. فبغض النظر عن ملكية جميع أفراد الشعب سيارات خاصة من عدمه على سبيل المثال.. إلا أنه يمكننى القول بأننى لم أر إلا سيارة واحدة من طراز (لادا 2017) كنموذج للسيارة الاقتصادية محلية الصنع التى يفترض أن روسيا هى الدولة الأم لإنتاجها.. بل إن متوسط أعمار السيارات لا يزيد على 5 سنوات بشكل عام!
الكثير والكثير يمكن التحدث عنه بهذا البلد الكبير والراقى، وهو ما أعادنى لذاكرة 25 عاماً ماضية قبل تقديم عصر «البيروسترويكا» من الزعيم السابق (جورباتشوف) والتى نقلت الدولة الروسية إلى مستوى آخر لم يكن أحد ليتوقعه بعد العديد من السنوات المظلمة من الاشتراكية.. فى الوقت نفسه التى ما زالت مصر تسير فيه بالطريق العكسى للتطور بالمقارنة بهؤلاء.. وعليه لا أستطيع إلا أن أقول «من موسكو مع خالص حبى»!