السوق العربية المشتركة | قوة الدبلوماسية البحرينية أمام العالم

السوق العربية المشتركة

الأحد 8 يونيو 2025 - 21:26
رئيس مجلس الإدارة
أمانى الموجى
نائب رئيس مجلس الإدارة
م. حاتم الجوهري
قوة الدبلوماسية البحرينية أمام العالم

قوة الدبلوماسية البحرينية أمام العالم


لم يكن الشعب البحرينى على موعد فقط للاستماع لكلمة معالى الشيخ خالد بن أحمد بن محمد آل خليفة وزير الخارجية أمام اجتماعات الدورة الـ71 للجمعية العامة للأمم المتحدة، لكن وبجانب الكلمة كنا على موعد لتأكيد مواقف المملكة تجاه القضايا الإقليمية والدولية، وهى الكلمة التى أوجز فيها معالى وزير الخارجية اتجاهات الدبلوماسية البحرينية حيال تلك القضايا والتحديات التى تتزداد يوما بعد يوم.

ولعل من أسباب قوة كلمة الشيخ خالد بن أحمد آل خليفة أنها بدأت قوية خاصة عندما تحدث عن الوضع الداخلى للمملكة، خصوصا تأكيده أن المواطن البحرينى هو لب اهتمام حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة، ملك مملكة البحرين حفظه الله، الذى يضع مبادرة التنمية المستدامة الدولية "أهداف التنمية المستدامة لعام 2030" نصب عينيه. فالمملكة تعمل وبكل جهد وإخلاص لتحقيق هذه المبادرة، ولم تتوان فى واجبها لبلوغ أهدافها التى شهدت بها ووثقتها التقارير الأممية، وستواصل التزامها بذلك وفق الخطط والبرامج الوطنية الطموحة، إيمانا منها بأن تنفيذ تلك الأهداف والتفاعل معها يضمن مستقبلا زاهرا للشعب البحرينى.

حسنا فعل الشيخ خالد بن أحمد آل خليفة بأن نقل للعالم أجمع، شعار المملكة وهو عبارة عن جملة لمليكنا المفدى "إن التنمية التى لا يكون المواطن هدفها لا فائدة منها ولا نريدها".. فماذا تعنى الجملة رغم كلماتها القليلة، إنها تجسد بحق أن رفاه وسعادة واستقرار المواطن هو العماد الأساسى للتنمية فى كل المجالات، وأن المملكة تسعى بحق لتحقيق الأهداف التنموية العالمية، خاصة أن هذه الأهداف تتلاءم مع رؤية البحرين الاقتصادية الوطنية وبرنامج عمل الحكومة.. ولهذا، فإن البحرين مستمرة فى نهج مسيرة التقدم والرخاء والتطور دون توقف، رغم كل التحديات السياسية والاقتصادية وكل المحاولات التى تهدف إلى إبعادها عن هذا المسار الوطنى الراسخ.

من هذا المنطلق، وضع وزير الخارجية فى كلمة المملكة المهمة، قادة العالم أمام جملة من الحقائق التى يجب الانتباه إليها جيدا، ولعل منها أن العالم أمام فرصة وإمكانية للتصدى والتغلب على التحديات التى تواجهه حاليا لإبقاء الأوطان والشعوب قوية ومتماسكة. وكان معالى الشيخ خالد بن أحمد آل خليفة يقصد هنا أبناء المنطقة العربية لما لها من إسهامات إنسانية على العالم وبما حققته من إنجازات حضارية.. وهنا تتعين الإشارة إلى ما ذكره وزير الخارجية بضرورة تكاتف المجتمع الدولى من أجل المساهمة وبقوة فى عودة الأمن والاستقرار إلى هذه المنطقة الحيوية فى العالم.

ولعل إشارة الشيخ خالد آل خليفة هنا تحمل معنى مهمًا للغاية خصوصا تلميحه للمنطقة "أسهمت بفاعلية فى كل ما نراه ونعيشه الآن من تقدم حضارى وإنسانى فى كافة العلوم والميادين، وما تحقق لها ذلك إلا عندما كان يعيش فى ظلها الجميع بكل أمن وأمان بعيدا عن خطوط الأعراق والمذاهب والأديان، وهو ما يجب أن نتمسك به- ونحن نستشرف مسارات المستقبل التى نبتغيها لدولنا وأجيالنا القادمة- لمواصلة هذا العطاء الحضارى الإنسانى الكبير الذى نفتخر به".

لقد خلصت كلمة وزير الخارجية أمام الجمعية العامة إلى تذكير قادة العالم بحكمة حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة وهى "إن مملكة البحرين وشعبها يجسدون مبادئ الصداقة والتسامح والاحترام المتبادل والانفتاح على العالم، وكلنا فخر بتنوعنا وتعددنا، وإيماننا الراسخ بأن لكل فرد الحق فى التمتع بحياة آمنة وكريمة".

ماذا يعنى هذا؟ المعنى يشرح نفسه بحق، ليس لنا هنا فى الداخل، وإنما لمن يعيشون بالخارج ولعلهم أقرب لنا جغرافيا وإقليميا، وكان حريا بهم أيضا أن يكونوا أقرب لنا على المستوى الإنسانى لما يربطنا بهم دينيا، وإن كان الدين قد حولوه إلى وسيلة للطمع وليس للإيمان بالواحد الأحد، وكان بالإمكان أن نعيش جميعا فى منطقة يكون شعارها المحبة والسلام وتكريس القيم الإنسانية والمبادئ التى تفخر بها البحرين منذ القدم، وتتمسك بها، فهذا هو نبراسنا وقوتنا أمام المخاطر التى تستهدف أى أمة ومنجزاتها من أجل مجتمع آمن ومستقر ينعم فيه الجميع بالأمن والرخاء والازدهار.

ويحضرنى هنا رواية عن صديق مصرى سمعها عن مقربون من الزعيم جمال عبدالناصر قبل نكسة 1967، عندما استقبل وفدا مجريا ولم يتحدث معهم أبدا عن إسرائيل، وركز عبدالناصر عن هدفه من تنمية بلاده وتطويرها وتحديثها.. ولم يلبث هذا الوفد المجرى أن ذهب بعدها إلى تل أبيب وسألهم قادة إسرائيل آنذاك عما إذا كان عبدالناصر تحدث معهم عن إسرائيل فى أى مجال من المجالات، فنفى الوفد المجرى، وهنا أعرب الإسرائيليون عن خيبة أملهم، لماذا؟ لأن عبدالناصر لم يلتفت لأفعالهم وقتها وتفرغ لتحديث مصر وتنميتها، ففزعوا جدا من هذا التطور، وكان خيالهم المريض يصور لهم أن عبدالناصر يحيا وينام بالتفكير فيهم وأنهم سيؤخرون مصر عن اللحاق بالركب.. فكانت المؤامرة التى انتهت بالنكسة والحرب المشئومة.

ومع فارق بسيط، وهو أننا فى وضع قوى يمكننا من التصدى لكل من تسول له نفسه النيل من استقرارنا وأمننا وتحضرنا وتقدمنا سياسيا واقتصاديا وثقافيا واجتماعيا، فإن البحرين تسير على نهج رؤية المملكة الاقتصادية الوطنية التى تستهدف ما سبق وأشرنا إليه من أقوال لجلالة الملك حمد "إن التنمية التى لا يكون المواطن هدفها لا فائدة منها ولا نريدها".. أى من حق كل مواطن أن يعيش مستقرا آمنا فى بلده مستفيدا بكل عناصر الرفاه والسعادة.

ربما يكون حديثنا عن النمو الداخلى قد أخذ المساحة الأكبر فى التعليق على كلمة معالى الشيخ خالد بن أحمد آل خليفة وزير الخارجية، لكن المؤكد أيضا أن كلمة البحرين أمام الدورة الـ71 للجمعية العامة ركزت هى الأخرى على الوضع الداخلى بالبحرين، وإن كانت تطرقت للقضايا العربية والدولية، وكان على رأسها الأزمات العربية المتركزة فى سوريا والعراق واليمن وليبيا، وكذلك قضية التطرف والإرهاب، وهنا تحديدا اتسمت الكلمة بالقوة عندما وصلت إلى تعريف الإرهاب ومن هم الإرهابيون، فكان الربط فى محله عندما أعلن الشيخ خالد آل خليفة موقف البحرين من "قانون جاستا" الأمريكى الذى تحدثنا عنه باستفاضة الأسبوع الماضى وبيننا مدى تناقضه مع مبادئ القانون الدولى.

وهنا أكدت البحرين- عبر كلمة وزير الخارجية- أن محاربة الإرهاب لن تتحقق مطلقا عبر سن قوانين وتشريعات تخالف ميثاق الأمم المتحدة ومبادئ القانون الدولى، كالخطوة التى أقدم عليها الكونجرس الأمريكى عندما أصدر تشريعا باسم (قانون العدالة ضد رعاة الإرهاب)، لأن هذا القانون معيب لعدة أسباب منها:

يخل بأسس العلاقات الدولية القائمة على مبادئ المساواة فى السيادة وحصانة الدول.

يعد سابقة خطيرة فى العلاقات بين الأمم.

يمثل تهديدا لاستقرار النظام الدولى، ويؤثر سلبا على الجهود الدولية لمحاربة الإرهاب.

ولعلى أتفق هنا مع رؤية ما ورد فى كلمة البحرين، عن الجيران "غير الأسوياء"، فكان موقعهم متأخرا من اهتمامنا وبما يتشابه تماما مع موقف الوفد المجرى الذى زار مصر وإسرائيل كما أسلفنا فى القصة.. ولهذا يأتى حديثنا عن إيران فى النهاية، فالبحرين لم تتردد لحظة فى مد الجسور وتطوير العلاقات معها، إلا أن كل مساعى المنامة وجهودها لم تلق التجاوب الجدى من قبل هذه الدولة، حتى تصل كافة جهودنا إما إلى طريق مسدود أو تنتهى باختلاق إيران لمشاكل وأزمات جديدة تعيدنا إلى المربع الأول، والبراهين كثيرة وأصبح المجتمع الدولى ملما بها ويحفظها عن ظهر قلب.

سعينا نحن وكل البلدان الخليجية لبناء أفضل العلاقات مع إيران، علاقات قائمة على مبدأ حسن الجوار واحترام سيادة الدول وفق الأعراف والمبادئ الدولية. لكن فى المقابل، يسعى هؤلاء للعبث بأمننا واستقرارنا وسلمنا الأهلى من خلال دعم الجماعات والميليشيات التابعة لهم مثل حزب الله الإرهابى وأمثاله من توابع الحرس الثورى الإيرانى.. وما زلنا نأمل أن تغير إيران سياستها الخارجية بشكل شامل، وتتخلى عن سياساتها العدوانية، وتنفتح بإيجابية على دولنا، بما يمهد الطريق لدخول المنطقة لمرحلة جديدة من الاستقرار والتنمية.

ويكفى الإشارة إلى تصريحات قائد أركان القوات المسلحة الإيرانية التى قال فيها إن بلاده توظف خبراتها العسكرية فى 5 دول عربية.. انتهت كلمة عميد دبلوماسيتنا الشيخ خالد آل خليفة، لكن تبقى الثقة التى يوليها شعب البحرين لهذا الرجل الذى نقل حضارتنا وأوجاعنا للعالم، وكأنه يمسك بيده مشرط الجراح، خاصة عندما حلل أزماتنا العربية.

قبل الأخير

إلى المعارضة.. لماذا الاستثناء فى البحرين؟

القانون فوق الجميع

"مواقف مشرفة".. هذا هو موقفى من بيان الجمعيات الوطنية البحرينية (جمعية الأصالة الإسلامية، جمعية المنبر الوطنى الإسلامى)، الذى رد بدوره على بيان ما يسمى "المعارضة البحرينية فى الخارج" بشأن محاكمة أحد رجال الدين بتهم غسل وجمع أموال دون ترخيص والتحايل على القوانين السارية فى المملكة. فالجمعيات الوطنية لم تقف مكتوفة الأيدى وأدانت بقوة لغة المعارضة التى حملت تهديدا باللجوء للعنف والإرهاب إذا لم يتم التراجع عن محاكمة "وكيل مرشد النظام الإيرانى" ومنحه حصانة فوق القانون ومطالبة الأمم المتحدة بالتدخل ومنح البعض "حق تقرير المصير". والمثير للدهشة أن هذه الفئة التى تسمى نفسها "المعارضة البحرينية فى الخارج" لم تر نفسها خائنة للوطن وتعمل بإمرة الخارج، رغم ثبات التهم ضدهم وخيانتهم للوطن بما يجعل محاكمتهم ضرورة فى تهم غسل وجمع أموال دون ترخيص.. ليس لدينا ما نقوله لهؤلاء سوى أننا نثق تماما فى عدالة القضاء الذى يوفر الضمانات القانون الكافية، والنقطة الثانية، هى أننا لن ننصاع للتهديدات الخارجية الوقحة التى تعبث بأمن المملكة، فنحن على يقين تام بمدى خطورة هذه الأجندات على أمن واستقرار البحرين، وهو ما حذر منه الشيخ خالد آل خليفة فى كلمته فى الجمعية العامة.

إجمالا.. لم نر أى دولة فى العالم تخضع لمن يطالبها بأن يكون أحد مواطنيها فوق القانون لاعتبارات طائفية وسياسية، مهما بلغت المكانة التى يتمتع بها عند البعض.. والثابت أن القانون فوق الجميع ويتساوون أمامه فى أى مكان فى العالم.. ولماذا الاستثناء فى البحرين؟