السوق العربية المشتركة | تحية لمن أنقذ مصر من ولاية الفقيه

السوق العربية المشتركة

الأحد 8 يونيو 2025 - 10:05
رئيس مجلس الإدارة
أمانى الموجى
نائب رئيس مجلس الإدارة
م. حاتم الجوهري
تحية لمن أنقذ مصر من ولاية الفقيه

تحية لمن أنقذ مصر من ولاية الفقيه



لعلى وأنا أبدأ حديثى اليوم عن مصر لا أقصد أى جهة بعينها، هذا التنويه حتى لا يساء فهمى منذ البداية، وإن كنت أشير– وللإشارة هنا ضرورة– إلى أن المقصود اليوم هم جماعة "الإخوان المسلمين" التى نعتبرها نحن فى الخليج وفى مصر جماعة إرهابية، فالمصريون اعتبروها هكذا بحكم القانون، ونحن فى الخليج بحكم الممارسة والأفعال، فهم– أى الجماعة– لا تترك مصلحة لها إلا وفعلتها، تتعاون مع هذا وتتحالف مع ذاك على حساب مصلحة الشعوب والدول التى استضافتها، حتى فى مصر عندما حكموها لمدة عام، حاولوا السيطرة عليها وتحويلها إلى دولة دينية على غرار دولة ولاية الفقيه الإيرانية، فكان مرشد الجماعة فى القاهرة هو الحاكم بأمر الله، فهو الرئيس والحكومة حتى كاد يصدر قراراً يوميا لإدارة إرادة المصريين والتحكم فيها.

كانت تجربة حكم الإخوان مصر لمدة عام تجربة قاسية على المصريين وعلينا نحن شعوب منطقة الخليج، فمصر كادت تضيع هويتها المتسامحة، المتفتحة، الليبرالية، هذا بغض النظر عن مشكلاتها الاقتصادية بحكم عدد سكانها وعدم القدرة على تنظيم إدارة مواردها، فكانت تجربة الإخوان فى مصر علامة قاسية، بل شكلت ما يشبه المؤامرة على المصريين والأمتين العربية والإسلامية تحت طائلة الإسلام والإسلام من منفذى هذه المؤامرة براء.

حقا، تجربة قاسية، لكننا نقول للمصريين إنهم أيضا لعبوا دورا فى هذا، فكان لديهم تجربة الزعيم الراحل جمال عبدالناصر الذى نجح فى كشف مخططاتهم منذ البداية، حتى إنهم انقلبوا عليه وكادوا يغتالونه فى حادث المنشية الشهير، فما كان من الرئيس عبدالناصر إلا أن قرر مواجهتهم بعنف، فالبادى أظلم، وهم الذين بدءوا بالغدر والخيانة والانقلاب، فما كان منه سوى معاقبتهم بعنف وإعدام قادتهم وسجن أنصارهم، حتى يكونوا عبرة للآخرين، فالإخوان لم يتآمروا على عبدالناصر فقط، وإنما على شعبهم، على المصريين، وحاولوا استلاب السلطة من مجموعة الضباط الأحرار، فوقف الشعب بجانب الرئيس لهم بالمرصاد. حتى واتتهم الفرصة مجددا فى منتصف حكم الرئيس الأسبق حسنى مبارك، ودخلوا البرلمان متضامنين مع أحزاب مدنية فى بداية خديعتهم ومؤامرتهم ضد المصريين، وهم الذين يجيدون الخداع والعمل فى الظلام مثل الخفافيش، ونجح مرادهم فى البداية حتى اكتشفت الدولة مخططهم فحلت مجلس الشعب، ليعودوا مرة أخرى فى انتخابات 2005 ربما باتفاق بين القاهرة وأمريكا وبينهم، ومن هنا قويت شوكتهم سياسيا واقتصاديا وشعبيا، واستطاعوا خداع الشعب المصرى بعد ثورته فى 25 يناير 2011، واستلبوا منه ثورته التى بدأت نظيفة وشعبية، حتى حولوها إلى قتل وتشريد وتعذيب، بهدف إحراج المجلس العسكرى أمام العالم والمصريين معا، وهو الذى انقذ المصريين وقت ثورتهم من غياب الأمن وفوضى الإخوان.

ربما كان الجيل الجديد من المصريين خاصة الشباب منهم يجهل تفاصيل حرب جمال عبدالناصر ضد الإخوان، والذى كان يعلم هذا التاريخ كان يعتقد أن عبدالناصر ظلمهم وعذبهم وهو برىء من مثل هذه التهمة، فهو أنقذ المصريين من بغضهم وحقدهم ومؤامراتهم على الشعب المصرى، ولم لا؟ فهم يتآمرون على الدين ذاته وينهلون منه الآيات التى تخدم مصلحتهم فقط ويفسرونها لحسابهم. وحتى لا نطيل فى السرد، ننتقل بسرعة حتى انتخب المصريون أو هكذا أعلن أن محمد مرسى العياط قد أصبح رئيسا لمصر، ليباغته المصريون بعد عام واحد فقط بثورتهم التى هزت أرضهم فى كل مكان، فكان هتاف نحو ٣٠ مليون مصر

"ارحلوا يا إخوان.. ارحل يا مرسى"، فالهبة المصرية كانت ضد المؤامرة الإخوانية.

وللأسف، لم يكن المصريون وحدهم هم الذين ذاقوا مرارة الإخوان، ويكفينا نحن هنا أهل البحرين عندما توجسنا خيفة من تنامى العلاقات بين مصر الإخوانية والنظام الإيرانى الذى اقترب منهم خلال عام حكمهم، حتى إن محمد مرسى العياط كان أول رئيس مصرى يذهب لطهران، ولم نستسغ نحن حكاية أن ذهابه هناك كان لتسليم القمة الإسلامية لرئيسها آنذاك أحمدى نجاد، حيث كان من اللائق إرسال وزير الخارجية وقتها محمد كامل عمرو ليترأس وفد بلاده، لكن رغبة الإخوان كانت واضحة فى التقرب من النظام الإيرانى المعادى لكل دول الخليج، فتكون المنطقة الخليجية محاصرة بين كماشة إيران والإخوان.

ومن ناحية أخرى، تواصل الدول الأوروبية أخطاءها فى حقنا نحن العرب، عندما تمنح قيادات هذه الجماعات الإرهابية حق اللجوء السياسى، وهو ما مثل أزمة دبلوماسية مؤخرا بين بريطانيا ومصر، عندما أعلنت رئيسة الحكومة البريطانية تيريزا ماى منح هذه القيادات حق اللجوء السياسى بدعوى تعرضها لقمع واضطهاد فى مصر، فى حين أن الشعب المصرى هو الذى عانى قمعا واضطهادا من الإخوان وقت حكمهم، فهل كانت بريطانيا وقتها ستمنح أغلبية الشعب المصرى حق اللجوء السياسى؟

ومن المؤسف، أن نجد بريطانيا التى تساند بعض المنشقين العرب عن دولهم، ثم تفاجأ بإرهابهم فى وقت لاحق، ولدينا حكاية القيادى البحرينى الذى يدعى أنه معارض وقد التقى زمان الرئيس الإيرانى السابق وقبل جبينه، ثم ألقت السلطات البريطانية القبض عليه مؤخرا بتهمة التحرش بقاصر.. فمثل هؤلاء لا يأتون بسوى مثل هذه التصرفات، لكن ماذا نفعل؟ وماذا نقول؟ فعليهم– أى أوروبا وأمريكا– تحمل نتائج تصرفاتهم، فهم يدعون أنهم يناصرون الحق والديمقراطية، لكنهم يعانون لاحقا من الإرهاب القادم إليهم.

لكم سبق وحذرنا من مغبة مناصرة الجماعات الإرهابية التى ينتقل قادتها إلى الخارج ويدعون هناك أسبابا وهمية للحصول حق اللجوء السياسى من هذه الدول المضيفة، وكان لوزير الخارجية المصرى سامح شكرى شوطا طويلا فى شرح مخاطر التصرفات الأوروبية، ليحذر بريطانيا من أن ما صدر من وزارة داخليتها بخصوص الإخوان يتضمن إشارات لا تعتبرها مصر إيجابية، ولا ذات تأثير إيجابى على العلاقات المصرية- البريطانية.

ويبدو أن بريطانيا وغيرها من الدول الأوروبية التى تدافع عن جماعة الإخوان، تفترض أمورا ليس لها أساس لأن هناك ربما قدرا من استهدافهم مصر وحكمها الجديد، حيث يدعون أن السلطة القضائية المصرية لا تضطلع بدورها بشكل كامل يتيح ضمان المحاكمات العادلة، وهذا فى الواقع افتراء على السلطة القضائية والنظام القضائى المصرى. وعلينا أن نشير هنا إلى ما تفعله العواصم الأوروبية أول ما تواجه خطر إرهابى، فهم وعلى الفور يعلنون قانون الطوارئ وتوسع قائمة الاشتباه والاعتقال، وعندما نواجه نحن مثل هذه العمليات الإرهابية فى بلادنا يستكثرون علينا مواجهة الإرهابيين.

ونشير هنا أيضا إلى أن بريطانيا تجاهلت تحذيرات المصريين الذين أمدوا لندن وكل الدول الغربية بمعلومات عن كل ما تقوم به جماعة الإخوان الإرهابية وتقترفه من تجاوزات للقانون ومن عمليات إرهابية تستهدف قوات الأمن والمواطن المصرى بهدف ترويع الشعب المصرى والنيل من مكتسبات ثورة 30 يونيو التى أنقذته من براثنهم الدنيئة، وهى الثورة المجيدة التى جاءت برئيسهم الشجاع عبدالفتاح السيسى الذى بدأ مع شعبه عهدا من الإنجازات غير المسبوقة على المستويين الاقتصادى والسياسى، ويكفى المصريون احتفالهم السبت المنصرم بالذكرى الأولى لافتتاح القناة الجديدة والتى تزامنت مع ذكرى افتتاح قناة السويس.

لن نمل القول: إن ثورة 30 يونيو المصرية مثلت نقطة تحول مفصلية فى التاريخ المعاصر، خاصة أن تأثيراتها ومكتسباتها لم تتوقف عند مصر فقط، لكنها امتدت إلى محيط مصر الإقليمى والدولى، وكان أول مكتسباتها هو القضاء على مشروع فرض نظام فاشى دينى على المصريين بحجة أنه كان "منتخبا".. ناهيك عن أن ثورة المصريين لم تكن خلاصا من الحكم الإخوانى فى مصر فحسب لكنها كانت تحولا استراتيجيا أعادت ترتيب الأوضاع الأمنية والتحالفات السياسية فى المنطقة، كما أنها كانت عاملا رئيسيا فى استعادة الفكر القومى العربى مكانته الحقيقية وإدراك الحكومات أن التضامن العربى هو الوسيلة الوحيدة لحماية أمنها القومى.