السوق العربية المشتركة | ما بين ثورتى 23 يوليو و30 يونيو.. ملحمة شعب وجيش

السوق العربية المشتركة

الأحد 8 يونيو 2025 - 09:47
رئيس مجلس الإدارة
أمانى الموجى
نائب رئيس مجلس الإدارة
م. حاتم الجوهري
ما بين ثورتى 23 يوليو و30 يونيو.. ملحمة شعب وجيش

ما بين ثورتى 23 يوليو و30 يونيو.. ملحمة شعب وجيش


يحدونى الأمل من يوليو ليوليو أن يكتب الله لى عمرا لكى أضيف جملة عن ثورة يوليو المباركة، ثورة الزعيم خالد الذكر جمال عبدالناصر التى رفعت من شأن العرب ووحدت كلمتهم ضد الاستعمار، وكانت الثورة إحدى عوامل انهيار عصر الإمبريالية فى كثير من الدول.

عندما نجح عبدالناصر فى زرع بذرة الثورة لتنال الشعوب حرياتها وثرواتها المسلوبة، لم يغب عن وعيه فى هذه الآونة أن الدول الاستعمارية ستعيد الكرة مرة اخرى لتقتحم مناطقنا، ليس بقوة السلاح كما كان فى السابق، لكن السلاح اختلف هذه المرة، فكان تحت شعار «الديمقراطية»، وهو شعار زائف لم نجنِ منه سوى الدمار والمر والعلقم، فبذرة الحرية التى زرعها عبدالناصر فينا ينتزعها المستعمر بسلاح نشر الفوضى الخلاقة فى منطقتنا، وهو السلاح الذى توعدتنا به كوندوليزا رايس وزيرة خارجية جورج بوش الابن، هذا الصهيونى المسيحى اليمينى الذى دمر العراق بحجة تملكه أسلحة دمار شامل، ليأتى تقرير شيلكوت البريطانى ليبرئ العراق وصدام حسين، وليدين مباشرة تونى بلير وجورج بوش الذى يدعى أن العالم أفضل بدون صدام حسين.

طبعا لمثل هؤلاء الأقزام، فإن العالم أفضل بدون عبدالناصر وصدام حسين، فناصر مثّل لهم كابوسا لم يفيقوا منه سوى بوفاته، حتى فى لحظات انكسار مصر ونكسة 1967 استطاع الجيش المصرى تحت قيادة عبدالناصر الواعية والمتحفزة لتحقيق النصر لملمة وحداته بسرعة استعدادا لمعركة النصر، فكانت حرب الاستنزاف التى لا يزال العسكريون يكتبون عنها مؤلفات كثيرة، تؤكد جميعها عظمة عبدالناصر فى شن معركة ما قبل حرب أكتوبر بما مهد للمصريين الفرصة لتحقيق انتصارهم الكبير مدعومين بسلاح وجنود عرب.

لقد ذهب جمال عبدالناصر، وهو رجل عظيم، منح بلده وأمته وقارته وعالمه الحرية وزرع فيهم بذرة الكرامة، ليكون من أشهر ثوريى العالم وأعظمهم عطاء وانجازا، وهو ما ندعو اليه شعوبنا العربية اليوم لكى تتأسى بهذا الرجل، الوحدوى، العروبى الذى ضحى بنفسه وصحته وحياته من أجلنا جميعا، فلنواصل مسيرة الوحدة والعروبة.

ولعلى أقول كلمة لكل أولئك الذين يسنون سكاكينهم لذبح ذكرى يوليو من عقولنا ونفوسنا، ويستغلون ذكرى ثورة يوليو ليشنوا عليها هجومهم المكرر وليبثوا فينا روح اليأس، لن تفلح محاولاتكم الخبيثة، وتحديدا فى ذكرى هذا العام التى تأتى بعد أيام من قليلة من تقرير شيلكوت البريطانى الذى أعلن براءة صدام حسين من تهمة تسليم العراق للأمريكيين، فالغرب هو الذى تآمر على جمال عبدالناصر ومن بعده صدام حسين، ولعلى أقول لكل المتآمرين من بنى جلدتنا، من بنى العرب، ستخيب مساعيكم الخبيثة ولن تنالوا من زعماء الوحدة العربية، فعبدالناصر وحد أمريكا اللاتينية وإفريقيا وآسيا، وكان زعيما لمنظمة الوحدة الإفريقية وعدم الانحياز، وسيظل عبدالناصر رمزا للثورات العربية والإفريقية والأسيوية وأمريكا اللاتينية، وسيظل اسمه محفورا بحروف من دهب، ويكفيه صوره وتماثيله التى تملأ ميادين العالم وشعاراته التى يحفظها كل ثورى فى العالم.

ولكل من يقول أن عهد عبدالناصر انتهى ولم يعد له وجود، أذكرهم بالعودة إلى الميادين المصرية خلال ثورات المصريين على مدى السنوات القليلة الماضية، ليروا بأم أعينهم كيف كانت صور عبدالناصر تملأ الميادين، فمن الذى استدعاها من الذاكرة مع تميز تلك الثورات بعنصر الشباب، إنه إرث عبدالناصر، فعبدالناصر هو الزعيم الذى غرس فى وجدان الشعوب الثورية شعارات الحرية والكرامة والعيش والعدالة. فهذا الإرث يشرف كل مصرى، وعربى، وإفريقى، وآسيوى، وأمريكى لاتينى.

من أفضل قراءاتى عن الزعيم جمال عبدالناصر حكاية يرويها الأديب المصرى بهاء طاهر، فقد زار ضمن وفد لمنظمة يونسكو التى كان يعمل بها كينيا.. وتوجه مع الوفد إلى إحدى القرى النائية ليشاهد صاحب محل صغير يعلق صورة جمال عبدالناصر على الحائط.. فكان من الطبيعى أن يسأل بهاء طاهر صاحب المحل عمن يكون صاحب هذه الصورة التى يعلقها ولم يعلق صورة لرئيس دولته كما جرت العادة فى العالم الثالث.. اندهش الرجل من سؤال بهاء طاهر، حيث لم يكن يتوقع أن أحدا فى العالم لا يعرف جمال عبدالناصر. فأجاب عن سؤال بهاء طاهر بقوة: «إنه (أبوإفريقيا) ». يقول بهاء طاهر أن صاحب المحل تعمد ألا يذكر اسم جمال عبدالناصر فى إجابته، لأنه فضل أن يختار لقب (أبوإفريقيا)، وهنا واصل بهاء طاهر أسئلته للرجل: «ومن هو (أبوإفريقيا)؟»، وهنا أجاب الرجل بتؤدة وقوة معا مفتخرا برده: «وهل هناك غيره، إنه جمال عبدالناصر».

يستكمل بهاء طاهر روايته عن الواقعة، ليؤكد أنه لم يشعر بفخر فى حياته مثلما كان هذا اليوم، ويزيد قائلا: المواطن الكينى البسيط شعر بعدم الراحة وأبدى امتعاضه لأنه صادف أحد سكان العالم لا يعرف جمال عبدالناصر، فماذا لو عرف هذا الرجل الكينى أن بعض المصريين الآن يلومون جمال عبدالناصر بسبب وقوفه مع الثورات وحركات التحرر الإفريقية وهو السبب فى حصوله على لقب (أبوإفريقيا)؟ وماذا لو عرف هذا المواطن الكينى أن بعض المصريين والعرب لا هم لهم سوى الهجوم على عبدالناصر فى وقتنا الراهن؟ هذا هو جمال عبدالناصر (أبوإفريقيا والعروبة) إذ تشهد له الثورات الجزائرية واليمنية وأهل السودان وسوريا.

وأتذكر أنه عندما فاز رئيس البرلمان المصرى فتحى سرور فى أواخر التسعينيات برئاسة البرلمان الدولى، أن علق على فوزه الساحق بقوله: «جمال عبدالناصر هو سبب فوزى، فكل البرلمانات الإفريقية صوتت لصالحى تحية لذكرى عبدالناصر». إنه عبدالناصر الذى قال فيه زعيم جنوب إفريقيا الشهير نيلسون مانديلا عندما فازت بلاده بتنظيم بطولة كأس العالم عام 2010، إن بلاده ولا غيرها لم تكن لتجرؤ أن تنافس مصر على تنظيم تلك البطولة فى وجود جمال عبدالناصر.

على شعوب دول ما يسمى «الربيع العربى» أن يدركوا جيدا كيف كانت ثورة يوليو نبراسا لكل شعوب العالم، عربا وأفارقة وأمريكا اللاتينية وآسيا، لكى ينالوا استقلالهم وحريتهم.. وعلى هذه الشعوب أن تعى ضرورة استعادة الروح الوحدوية لمواجهة المخططات الأمريكية والبريطانية والروسية، فما أجهضه عبدالناصر زمان يسعى للنيل من منطقتنا ودولنا وشعوبنا وحاضرنا ومستقبلنا. وعلى هذه الشعوب أن تتوحد كما توحدت الشعوب فى عهد عبدالناصر للقضاء على المخططات الدولية التى تكاد تقترب مننا وتعيد احتلال الدول مرة اخرى، بعد أن نجحت تدريجيا فى تفتيت كيانات الشرق الأوسط إلى دويلات صغيرة لتسهل لنفسها عملية الانقضاض عليها.

لقد تغيرت السياسة بمصر مرات عديدة، ولقى إرث عبدالناصر الغنى بالقوة والإرادة مقاومة شديدة من قبل البعض على مر سنوات كثيرة، ليعيد زعيمها الحالى عبدالفتاح السيسى كتابة تاريخها الحديث بإنجازاته العديدة التى أضحت ملموسة للشعب المصرى رغم أنه لا يزال ينتظر الكثير، فالرئيس المصرى يدرك حجم التحديات الهائلة التى استطاع التغلب على معظمها، وأهمها توفير الطاقة حيث كانت الكهرباء تنقطع باستمرار خاصة فى فصل الصيف، كما اقتحم السيسى المناطق العشوائية الخطرة وقرر تنفيذ مشروع قومى للقضاء على العشوائيات، وفى الصحة ومن خلال صندوق تحيا مصر قرر القضاء على مرض «فيروس سى»، ولا شك ان المواطن المصرى يعرف جيدا أن قيادته وضعت الوطن على أول طريق الإنجازات وأن القادم أفضل.

إن الإنجازات التى حققها الزعيم المصرى عبدالفتاح السيسى لم تتحقق منذ سنوات، لدرجة جعلت بعض المؤسسات المصرية تطالب بتسمية يوم «6 أغسطس» من كل عام «يوم الإنجازات المصرية» بمناسبة افتتاح قناة السويس الجديدة وتقديرا لإنجاز مشروع القناة فى عام بقرار من القيادة وتمويل من الشعب وتنفيذ قواته المسلحة. فكل الإنجازات التى حققها السيسى تجعله ان يكون قائدا للإنجازات لعام 2016، وربما كان أهمها قراره كوزير دفاع مصر فى عهد الإخوان أن يتخذ القرار الصعب ليقف الجيش بجوار شعبه ليكون سنده ونصيره فى ثورته ضد الإخوان الذين حاولوا سلب مصر من شعبها وماضيها وتاريخها لتكون فى عهدة المرشد، ومن هنا جاء الربط بين ثورة يوليو التى قام بها الجيش ووقف الشعب بجانبها يؤازرها بكل قوته وإرادته وثورة 30 يونيو التى فجرها الشعب ليجد جيشه نصيرا له فى ثورته وداعما له فى مطالبه بإزاحة كل من أراد تحويل مصر إلى دولة دينية.