سفاح التجمع
مجرم سادى عاشق للسينما الأمريكية وأفلام الجريمة التى تحكى عن القاتل المتسلسل فقرر أن يقلدها ويوثقها بالتصوير ويُقال أنه كان يبيع المقاطع البشعة التى صورها إلى شبكة النت المظلمة أو ما يسمى بال "دارك ويب" بمقابل مادى ؛ الأغرب عزيزى القارئ أن هذا المجرم القاتل الملقب بسفاح التجمع عمل بمجال التدريس وكانت لديه صفحة على أحد مواقع التواصل الإجتماعى ، وكان يخاطب من خلالها المراهقين وكانت صفحته تحتوى على ما يقرب من ٣٠٠ ألف متابع كما ذكرت بعض المصادر التى رأت الصفحة قبل أن يغلقها الموقع نتيجة البلاغات التى قدمها المتابعون ضد صفحته بعد ما تكشفت جرائمه للرأى العام .
الحكاية بإختصار عزيزى القارئ بدأت بإكتشاف جثة سيدة بالقرب من محافظة بورسعيد وتبين تعرضها للإعتداء والتعذيب ووجود مواد مخدرةتدعى "آيس" أو شابو بجسدها ، ووصلت التحقيقات فى النهاية أن آخر سيارة شوهدت السيدة وهى تستقلها ملك لشاب يدعى " ك.م" يسكن بالتجمع بالقاهرة الجديدة ، يعمل بمجال التدريس ، مطلق ولديه ولد عمره ٩ سنوات يسكن الشقة مع ولده ، وبتفتيش منزله تبين وجود غرفة بجدران عازلة للصوت وتبين وجود ملابس الضحية بمنزله ، وبعد تحقيقات دقيقة تبين وجود ضحيتين غير السيدة التى عثر عليها وتم استخراج جثثهم وعُثر مع القاتل على فيديوهات لما يقرب من ١١ فتاة قام القاتل المجرم بتعذيبهن والإعتداء عليهن وتصويرهن أثناء ارتكاب تلك الفواحش معهن بعدما أجبرهن على تناول المواد المخدرة ، وأنه كان يستدرج ضحاياه بطرق مختلفة تنم عن ذكاء خطير ، كما تخلص من الجثث بعد تخطيط يؤكد أن القاتل كان فى كامل قواه العقلية أثناء ارتكابه لتلك الجرائم ؛ وأنه ما هو إلا منحرف سادى سيكوباتى يحب تقليد الأفلام الأمريكية ويتكسب من جرائمه ببيعه للفيديوهات بشبكة الإجرام التى تدعى "الدارك ويب " .
سبق وأن كتبت عزيزى القارئ إن كنت تذكر مقال بعنوان " إعادة الجريمة الأمريكية على نتفلكس" ، طالبت فيه الشباب بعدم متابعة ما تقدمه قناة نتفلكس فيما يخص أفلام الجريمة والقتلة المتسلسلين ، وحذرت من أثر ذلك على الشباب والمراهقين ونبهت بأن كثرة المشاهدة ستصيب الشباب بالبلادة وإعتياد الجريمة ، وأن من به بذرة انحراف سيتشجع فيقلد مثل تلك الجرائم وطالبت الأطباء النفسيين بتوعية الشباب فى ذلك الأمر ولكن لا حياة لمن تُنادى وللأسف تحقق ما حذرت منه وظهر من طبق بالفعل ، والآن بدلاً من بحث الأسباب والتصدى لتلك الظاهرة البشعة تنافس المنتجون بالمجال الفنى ويتسابقون الآن على من سيقوم بعمل فيلم أو مسلسل عن سفاح التجمع قبل الباقيين !!! ، بدلاً من نبذ الجريمة والعمل على إيقاف المزيد منها قرر المنتجون جعلها مادة للتسلية والترفيه ونشر الفكرة أكثر بين الناس !! ، وأكاد أجزم أن كل الأفلام أو الأعمال الفنية التى ستتناول قصة سفاح التجمع سيكون مصيرها الفشل الذريع ؛ القصة بشعة ومقززة إلى أقصى حد ولن يتحمل المشاهدون إلا أن يرفضوا ذلك العمل ويشمئزوا منه ، وخصوصاً أنه انعكاس لإنحراف حقيقى هز المجتمع المصرى المحافظ ذو النخوة والحياء والجدعنة المختلف كل الإختلاف عن المجتمعات الغربية ، لكن المنتجون اللاهثون وراء "الترند " اللذين يبحثون بحث محموم عن المادة على حساب كل التقاليد والقيم لن يفهموا سوى لغة الإيرادات التى أتمنى أن تكون محبطة لهم بإذن الله . أكثر شئ ملفت للنظر بتلك الجرائم الخاصة بسفاح التجمع عزيزى القارئ هو نجله "زين " صاحب التسع سنوات ، فالولد كان يعيش مع والده ، حيث أن أبواه منفصلين ووالدته خارج البلاد حيث هربت من طليقها منذ سنوات ولم ترى ابنها منذ ذلك الوقت لأن والده أخبره بأنها توفت ، والسيئ أن الولد كان متواجد بشقة والده اثناء وجود الضحايا ولكن وهن أحياء ، قيل فى التحقيقات بأن الولد ظهر بأحد مقاطع الفيديو ولكنه لم يشهد لحظات التعذيب أو القتل حيث كان والده يقوم بالجرائم أثناء وجود الطفل مع جدته بمسكن آخر ، ولكن الولد على علم بأسماء السيدات وتحدث معهن وعاش معهن فترة ، وشهد بالمحكمة بأنه كان يرى إحداهن وهى تدخل لغرفة النوم مع والده ويغلقون الباب خلفهم .
كما علم الطفل بعد ذلك بما فعله والده من جرائم بعد القبض عليه وسفر والده المتكرر لبورسعيد عندما كان يكافئ نفسه بأكل السمك بعد ارتكابه للجرائم ، كما تيقن الطفل بأن والدته مازالت على قيد الحياة وليست متوفية كما ادعى والده وأعرب عن رغبته برؤيتها ،ولكنه الآن يسكن مع جدته والدة أبيه السفاح والتى ترفض رفضاً باتاً أن ترى الأم طليقة ابنها الطفل ؛ أعتقد هنا لابد من تدخل المجلس القومى للطفولة والأمومة لمساعدة ذلك الطفل ،فهو يحتاج أكيد لعلاج نفسى مكثف بعدما شهده وعلمه عن والديه وعن الجرائم والإنتهاكات البشعة التى ارتكبها والده المنحرف، كيف سينشأ الطفل سوياً إذا تُرك على هذا الحال ؟ وكيف لنا أن نعرف أن جدته التى ربت والده أنها ستقدر على تربيته تربية سوية ،وأنه لن يعيد نفس مأساة والده أو سيتأثر تأثيراً كئيباً بها إلا لو تم إخضاعها للفحص النفسى ودراسة الظروف المحيطة به حالياً ؟!!.
هذا الطفل يحتاج إلى علاج نفسى ويحتاج إلى المتابعة ، ويحتاج إلى والدته ويحتاج إلى أن ينسى تماماً والده وما ارتكبه،ولن يستطيع القيام بذلك بمفرده لذلك لابد من المتخصصين ؛ ولذلك اناشد الدكتورة سحر السنباطى رئيس المجلس القومى للطفولة والأمومة والمعروفة بكفائتها ومجهوداتها فى ذلك المجال منذ أن كانت أمين عام المجلس منذ سنوات أن تساعد الطفل " زين " ،وأن تطمئن المجتمع عليه حيث أنه بالأول والآخر مجرد طفل صغير لا ذنب له ولا حول له ولا قوة ،ويؤلم المجتمع بشدة أن يواجه طفل بعمره ذلك العبء .